"سوق العمل يقود العملية التعليمية" واقع نعيشه اليوم في ظل ما يشهده هذا السوق من مستجدات ومتغيرات وظيفية، أساسها التطورات التكنولوجية المتسارعة، والنمو المذهل في الذكاء الاصطناعي، ونحن في كليات التقنية العليا نسير في مختلف مراحل عملنا ضمن منظومتنا التعليمية في إطار علاقة من التكاملية مع سوق العمل، فتأثيره لا يقتصر على عملية طرح البرامج أو تطوير بيئة التعليم و أُطر ونماذج التدريب المهني، بل يتعدى ذلك الى المتابعة اللحظية لواقع التوظيف، ليكون لدينا صورة واضحة حول مدى نجاح استثمارنا في مواردنا البشرية، فنحن نقيس نجاحنا بمعدلات التوظيف ومدى قدرة خريجينا على المساهمة في الخارطة الاقتصادية للدولة.

وقد بادرت كليات التقنية العليا كأول مؤسسة للتعليم التطبيقي بالدولة بتأسيس"منصة رؤى للبرامج التطبيقية والمهنية والتوظيف" بالشراكة مع وزارة الموارد البشرية والتوطين ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية والتعليم، وصندوق المعاشات وبرنامج "نافس"، خطوة مثلت نقلة نوعية في دعم التخطيط واتخاذ القرار، فهي منصة للتحليل اللحظي لبيانات الطلبة والخريجين وبشكل تفصيلي، حيث أصبح بالإمكان الوصول الى كم هائل من البيانات وتحليلها ، من بينها بيانات تتعلق بأعداد الخريجين في كل عام، وأعداد ونسب توظيفهم، ومواقعهم الوظيفية، ويتم توضيح هذه البيانات بشكل تفصلي وعلى مستوى كل منطقة من مناطق الدولة. و يتم من خلال المنصة كذلك حصر أعداد الخريجين الذين لا يزالون ضمن فئة الباحثين عن عمل، ويتم التواصل معهم من خلال مركز الاتصال الموحد في الكليات لمتابعتهم ومعرفة أسباب عدم حصولهم على وظائف،ومحاولة توفير فرص لمن يرغب منهم في العمل، بالإضافة الى تكوين صورة أكثر وضوحاً حول تحديات التوظيف ودراسة إمكانية إيجاد حلول مناسبة على مستوى المنظومة عامة.

كما ونخطط في المرحلة التالية لتوسيع مجالات الاستفادة من هذه المنصة، من خلال التركيز على قراءة التخصصات والمجالات الوظيفية التي يعمل بها الخريجون، ومعرفة ما إذا كانت وظائفهم ترتبط بتخصصاتهم أو أنهم يعملون في مجالات بخلافها، لنتأكد أن استثمارنا يسير في الطريق الصحيح، وأن خريجينا لديهم توافق كلي مع سوق العمل. إن دراستنا للواقع،من خلال تحليل البيانات الضخمة، عبر الربط مع عدد من الجهات المختصة، وقراءتنا لاحتياجات السوق من خلال التقارير التي تصدر عن الجهات الاقتصادية والأخرى المعنية بالموارد البشرية، بالإضافة للقراءات على مستوى الإقتصاديات العالمية، كلها مصادر تقدم لنا بيانات ومعلومات يتحتم علينا فهمها والاستفادة منها بشكل فعّال، ينعكس على مستوى خططنا فيما يتعلق بعملية استقطاب الطلبة وتوجيه مساراتهم الأكاديمية والمهنية حالياً ومستقبلاً، كما أننا على استعداد دائم لتوسيع شراكاتنا على مستوى منصة البيانات هذه وكذلك مشاركة تجربتنا مع كل من يرغب في الاستفادة منها، لأننا نطمح دائماً لإيجاد أدوات جديدة تساهم في رفع نسبة توظيف الخريجين وتعزيز نموها التصاعدي بشكل مستمر، وكلنا ثقة في قدرتنا على تخريج الكفاءات المهنية التي ننافس بها وتمثل الخيار الأفضل لمؤسسات العمل.

الدكتور فيصل العيان 

مدير مجمع كليات التقنية العليا 

للمزيد : 

سعادة الدكتور فيصل العيان يشرح ميزات منصة رؤى